أعمدة

خارج النص.. يوسف عبدالمنان.. الجزيرة تتقدّم

 

تقدّمت ولاية الجزيرة على الجميع في استنفار قواعد الشباب والمقاتلين، حتى قبل أن تأذن لها الحكومة المركزية، تلك الحكومة التي تُكبِّلها التزاماتها الخارجية، فتتردد في إعلان التعبئة العامة.
لكن الجزيرة، التي نالت نصيبها من القهر والقتل والسلب والنهب، ولم تلتئم جراحها بعد، كانت أول من ملأ الساحات بالمقاتلين، تستعد لمعركة قادمة توعّدنا بها آل دقلو ودولة الإمارات العربية المتحدة.

ولأن الجزيرة هي الولاية التي ظلّت تطعم أهل السودان من خيرات ذراعها، وتشيد بعائدات قطنها المدارس في كارنوي وحلفا القديمة وهيبان ومريدي، وتجمع كل أهل السودان تحت ظلال وخير مشروع الجزيرة، فإنها اليوم — رغم المرض الذي فتّ عضدها وأوهن جسدها، ورغم انصراف الحكومة المركزية عن دعمها — تنهض من جديد.
وقد أحسنت حكومة بورتسودان، كما يُطلق عليها خصومها، الاختيار حين عيّنت الطاهر الخير والياً على الجزيرة، وهو الضابط الإداري الذي حقّق نجاحاً لافتاً في العبور بالولاية من مرحلة التحرير إلى بدء التعمير.

غير أن المتابع لنشاط الوالي الطاهر الخير يلحظ أمراً لافتاً: أنه لم يخلع بزّته العسكرية منذ تسلّمه قيادة الولاية. في ذلك دلالات رمزية عميقة، فالحرب ما زالت تتهدّد السودان، والجزيرة لم تنسَ ولن تغفر ما حدث لشعبها.
وبينما اختار بعض أعضاء مجلس السيادة من العسكريين ارتداء البدل والقمصان المدنية، رفض والي الجزيرة التخلي عن بزّته حتى في المقابلات الرسمية ببورتسودان، في رسالة واضحة بأن زمن السلم لم يحن بعد.

ومن أسباب نجاح الوالي الطاهر الخير ارتباطه الوثيق بمدينة ود مدني ومحلياتها، واهتمامه بالريف أكثر من اهتمامه بالعاصمة الإدارية بورتسودان التي قلّت زياراته إليها.
واليوم، بفضل سياسات ولاية الجزيرة وإنتاجها الزراعي، تأكل الخرطوم الطماطم والخضروات بأسعار في متناول يد العامة ممن سحقتهم الحرب.

غير أن الجزيرة الآن أحوج ما تكون إلى تأمين مصادر الطاقة، وحماية خزّاني سنار والروصيرص من هجمات الطيران المسيّر القادم من جنوب السودان، إضافة إلى دعم مشروع الجزيرة حتى ينهض من كبوته.
كما يجب إطلاق يد إدارة المشروع والولاية في إبرام التعاقدات الخارجية مع شركات ذات قدرات مالية كبيرة، لأن الجزيرة هي المخزون الذي لا ينضب، بعد أن خرج البترول من دعم الموازنة العامة بسبب الاضطرابات الأمنية، وتعثر صادرات الذهب، وتراجع إنتاج الولايات الغنية بالثروة الحيوانية.

إن الجزيرة اليوم هي الملاذ الأخير لإنقاذ اقتصاد البلاد وإعادة التوازن إليه.
لكن ذلك لن يتحقق بالأماني والشعارات، بل بعزم الرجال، وبالدعم الحقيقي للولايات المنتجة.
ومن ينتج الآن غير الجزيرة؟

الجزيرة نيوز

موقع الجزيرة نيوز هو واحد من أبرز المواقع الإخبارية في السودان والعالم لعربي يتميز بتقديم الأخبار بموضوعية واحترافية، مع التركيز على تغطية الأحداث العالمية والمحلية بأدق التفاصيل وأحدث المعلومات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى