مقالات

قرية أم عصبة بالجزيرة لن تكون أداة لطعن الشرفاء في خاصرتهم

كتب: بدر الدين عمر

 

رسالة للذين يعلمون ولا يعلمون، بأن بآذانهم صمم وصديد قيح، وفي أقلامهم عقدة، لن يفلحوا في أن يفقه الناس أقوالهم التي هي أداة للهدم وليست للبناء.

وللذين لا يفرقون بين ما هو مليشي أشاع السحل والنهب وزهق الأرواح، وبين من يبني ويشيد ويقدم روحه فداء من أجل الوطن. للذين لا يفرزون بين من ينشر الهلاك والدمار والخراب، وبين من يسعى للحفاظ على الماء الذي خلق الله تعالى منه كل شيء حي. للذين لا يقدرون قيمة من يقدم نفسه طواعية لخدمة الحيوان والإنسان وريّ الأرض لتنبت لهم الوعد والبشريات والأمل.

إنهم مهندسو وعمال وزارة الري، الذين لا يجيدون التعامل في الخفاء لأجل الشهرة ونيل المكاسب والجلوس على كرسي من تحته نار. فيكفيهم أن يكون السودان ملاذهم وبيتهم الآمن، فمن أجله سكبوا الغالي والنفيس ليبقى وطنًا مترامي الأطراف، محمية موارده المائية من الحدود إلى الحدود.

وزارة الري والعاملون بها يسعون ليخضر الزرع ويروى الضرع، لا كالمليشيات الذين أذاقوا الناس كل المرارات وشتى أنواع العذاب. ولعل من وصفهم بذلك لم يتجرع سمّ المليشيا ولم يكتوِ بنار جحيمهم حتى يستطيع أن يفرق بينهم وبين مهندسي وزارة الري والعاملين.

هؤلاء هم الذين استطاعوا ردم 1200 كسر مختلف الأحجام في ترع ومواجر وقنوات المشروع الفرعية والرئيسية بطول وعرض مشروع الجزيرة، تسبب في كسرها مليشيا آل دقلو. فإذا كان أولئك يخربون، فهم في وزارة الري يبنون ويشيدون ويعمرون الأرض أينما قطنوا، ويعملون على سقيا الإنسان والحيوان، ولهم في ذلك من الأجر ما لا يعلمه كتاب المصلحة وتابعي الأسياد.

هؤلاء هم من استطاعوا أن يوفروا اليوم الخميس 3/7/2025م، 13500 متر مكعب من المياه، تحملها ترعة الجزيرة خيراً وأملا في إنتاجية وافرة. وعلى القائمين على أمر الزراعة حسن التدبير وتحضير الأرض، فحتى الآن لا يصل جملة المحضر من الأرض بالمشروع ما يساوي مياه الري في القنوات والترع منذ بداية ضخها من خزان سنار في مطلع يوليو المنصرم.

وفي أسوأ الظروف وأحلك الأوقات، فوق الهجير وتحت زخات المطر، وبين لسعات العقارب والثعابين، فلا يبالي مهندسو الري والعاملون بالوزارة، لأن الوطن أمانة في أعناقهم. وهذا ما لا يراه من كان في عينيه رمد، وفوق أسنة أقلامه أمراض الشهرة والشوفونية.

إن الذين تم وصفهم بالمليشيات وهم يجوبون مشروع الجزيرة، الذي تعادل مساحته مساحة دول، يحترمون من يعطي ويفني زهرة شبابه خدمةً لتحقيق أمن البلاد بالحفاظ على موارده المائية.

وزارة الري والموارد المائية، يا من لا تعلم كنهها وأهميتها، إنها الوزارة التي ربما تكون الوحيدة في السودان التي لم تغلق مكاتبها أثناء وبعد الحرب، وإلى أن تقوم الساعة، فما توقف عطاء عامليها من بين أصوات الرصاص ودوي المدافع، فكيف يتوقف ساعة السلم والتحرير؟

ودليلنا على ذلك النجاح الذي تحقق بالمشاريع أو بقايا ما تبقى محررًا في تلك الفترة العصيبة، فكيف نجحت المواسم الزراعية؟ والزراعة كما تعلمون ري في المقام الأول.

فوزارة الري، المفترى عليها من بعض الأقلام الذين يريدون أن “يعملوا من الحبة قبة” كما في مثلنا العامي، كثر، ولكنهم كغثاء السيل.

وزارة الري ظلت، وعبر أتيامها المختلفة، تتابع جميع الكسور بقنوات وترع المشروع المختلفة، وتراقب المناسيب بإمكانات شحيحة، حتى وصل عدد الكسور 1200 كسر بسبب الحرب وخراب المليشيا. فبفضل الله أولاً ومجهود الرجال بوزارة الري، تمّت معالجتها جميعًا في ظل إمكانات شحيحة ومعدومة، وبإشراف مباشر من وكيل الوزارة والمديرين العامين للإدارات المتخصصة وعمال ومراقبي المياه، دافعهم حب الوطن.

وقد شهد على ذلك مزارعو المشروع بأقسامه المختلفة، وبصحبة أصحاب الأقلام الصادقة من وكالة السودان للأنباء الحكومية وعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية الذين أكدوا، مما لا يدع مجالاً للشك، أن وزارة الري، رغم الإمكانيات المحدودة والظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد، كانت قمة في النشاط وتحمل المسؤولية.

وحتى لا يأتي كاتب يدري بأنه لا يدري، فإن ما حدث في قرية أم عصبة ليس بكسر في الترعة الرئيسية، وإلا لغرقت الجزيرة بأكملها، لأن ما تحمله ترعة الجزيرة يعادل 13500 مليون متر مكعب.

للحقيقة وجه واحد، وهو حدوث نفاج وتسريب للمياه بقرية أم عصبة، وهو أمر اعتيادي، يقوم مهندسو القسم بمتابعته ومتابعة غيره من نفّاجات تحدث طيلة فترة المواسم الزراعية، لأنه أمر متوقع فنيًا وهندسيًا.

وقد تم، بفضل مجهود مهندسي القسم، أعني قسم الري بجنوب الجزيرة، ومتابعة وكيل الري، احتواء ومعالجة ذاك النفّاج. وعلى ذلك شهد مواطنو قرية أم عصبة الذين أقسموا بأن لن يبدأ العمل بردم النفّاج إلا عقب تناول وجبة الإفطار، وهذا دليل على أن الأمر في غاية السهولة والبساطة، وليس بمثل ما روّجت له بعض من الأقلام التي تريد أن تصطاد في المياه العكرة، أرادوا أن يجعلوا من نفّاج وتسريب مياه لا يساوي شيئًا رأيا عاماً لشيء في نفوسهم أو في نفوس من لا يريدون لهذا الوطن الاستقرار.

عطاء وزارة الري باين، وظاهر للعيان كما الشمس في كبد السماء.

فقرية أم عصبة، كغيرها من القرى بجنوب الجزيرة، تنام الآن على أعصاب هادئة، لا كما وصفها الواصفون في مقالاتهم التي جافت الحقيقة تمامًا، فعليهم تحري الدقة فيما يكتبون.

أما عن المياه المتوفرة الآن لري مساحات المشروع بترعة الجزيرة فقط، فهي 13500 مليون متر مكعب، تكفي لزراعة 500 ألف فدان، فهي تبحث عن أرض ومساحات محضّرة وجاهزة للزراعة، فأين تلك المساحة؟

الجزيرة نيوز

موقع الجزيرة نيوز هو واحد من أبرز المواقع الإخبارية في السودان والعالم لعربي يتميز بتقديم الأخبار بموضوعية واحترافية، مع التركيز على تغطية الأحداث العالمية والمحلية بأدق التفاصيل وأحدث المعلومات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى